حياة الرجاء يلزمها الثقة في الله ، و الثقة في مواعيده ، وفي عمله وفي محبتة لك وللكل ، وفي حكمة تدبيرة . لكي يمتلئ قلبك بالرجاء ،ينبغى أن تثق بإن الله يحبك أكثر مما تحب نفسك وانه تعرف ما هو الخير لك اكثر مما تعرف أنت بما لا يقاس . وأن كل تدابير الله من جهتك هي في عمق الحكمة و الخير ، مهما غير ذلك من خلال الشك ..
*******
ولابد أنك تعلم انك في يد الله وحده ، و لست في يد الناس ولا في أيدى التجارب و الأحداث ، ولا في ايدى الشياطين …
أنت في يد الله وحده . و الله قد نقشك علي كفه ( إش 49: 16) . وقد يظلل عليك بجناحيه (مز 90 ) ويحرسك الليل و النهار ، ويحفظ دخولك وخروجك ( مز 120 ) . ومن محبته لك ، دعاك أبناً له( 1 يو 3 : 1) . وهو الراعي الذى يرعاك فلا يعوزك شئ ( مز 23: 1) . نحن كلنا شعبه وغنم رعيته . ولا يمكن لله كراع صالح أن يغفل عن غنمه . ولا يمكن له كأب أن يغفل عن اولاده .
*******
أما ان كان لديك مشكلة ، فيريحك جداً أن تنتظر الرب . ولابد أنه سينقذك منها . فهذه نصيحة مباركة يقدمها لنا أحد مزامير صلاه باكر ، يقول فيها المرتل : :
" انتظر الرب . تقو و ليتشدد قلبك ، وانتظر الرب "( مز 26 [27] ) .
و النصيحة التي يقدمها لنا هذا المزمور ، ليس مجرد أن ننتظر الرب ، وإنما أن ننتظره في قوة ، ونحن متشدون في الداخل … لا ننتظر الرب في ضيقة ، أو في ضجر و تذمر واحتجاج : لماذا لم يعمل الرب حتى الآن ؟ أين محبته ؟ أين عمله ؟! ولا ننتظر ونحن نشك في عمل الله ، أو نشك في قيمه الصلاة و فاعليتها !! ولا ننتظر الرب في ضعف داخلى ، وفي انهيار ، وقد فقدنا معنوياتنا !! كلا ، فكل هذه المشاعر ضد فضيلة الرجاء … فالإنسان المضطرب أو اليائس أو الخائف أو المنهار ، يدل علي انه فاقد الرجاء … لأن الذي ينتظر الرب في رجاء ، إنما يمنحه الرجاء قوة . وكما قال إشعياء النبى : " واما منتظرو الرب ، فيجددون قوة . يرفعون اجنحة كالنسور . يركضون ولا يتعبون . ويمشون ولا يعيون "( إش 40: 31 ) فما معني عبارة " يجددون قوة " ؟ معناها أنه كلما حاربهم الشيطان بالقلق أو بالضعف و الأضطراب ، تتجدد القوة فيهم من تذكرهم لمواعيد الله الصادقة ، وصفاته الإلهية المحبوبة باعتبارة الأب و الراعي و الحافظ والسائر و المعين … الله الحنون ، المحب ، صانع الخيرات ، الذي لا يغفل ولا ينام … فكلما يتذكرون صفه من هذه الصفات تتجدد القوة فيهم ، ويرفعون أجنحة كالنسور .
إن منتظر الرب يثق ثقة لا تحد بمحبة الله الفائقة للبشر ، وبحكمة الله التي هي فوق ادراكنا البشري …
*******
يثق أن الله يعطينا باستمرار دون ان نطلب ، وقبل أن نطلب . فكم بالحرى إن طلبنا … وهو يثق ايضاً أن الله يعطينا ما ينفعنا ، وليس حرفية ما نطلبه . لأنه ربما تكون بعض طلباتنا غير نافعة لنا … وهنا تظهر حكمة الله في محبته …
لذلك في حياة الرجاء ، لآبد أن تثق بحكمة الله في تدبيرة
لا تطلب وتصر . أنما أطلب وقل : لتكن مشيئتك … وحينما تقول : " لتكن مشيئتك " ليكن ذلك بفرح ، بغير ألم ولا حزن .
*******
هناك أمور كثيرة لا تدريها . وهي معروفه ومكشوفة أمام الله .
ربما الذي تطلبة ، لا يكون مناسباً لك ولا نافعاً لك . وربما الوقت الذي تحدده ، يعرف الله تماماً أنه غير صالح ، ويري أن تأجيل الاستجابة أفضل … لذلك تواضع ، وأترك الحكمه الله أن تتصرف . وانتظر الرب في ثقة …
أليس من المخجل أننا نثق بذكائنا وفطنتنا أكثر مما نثق بالله !
إننا نضع حلولاً للأمور ، وأثقين أنها أفضل الحلول ، أو انها الوحيدة النافعة . وربما يكون في ذهن الله حل آخر لم يخطر لنا علي بال ، هو أفضل بما لا يقاس من كل تفكيرنا . ليتنا إذن نثق بالله … وننتظر حله في رجاء .
منقول عن مقالة للبابا شنودة الثالث
اذكرونى فى صلواتكم