قلب يهوذا الإسخريوطي
حينئذ ذهب ... يهوذا الإسخريوطي إلى رؤساء الكهنة وقال: ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم ... (متى26: 14،15)
حينئذ ذهب ... يهوذا الإسخريوطي إلى رؤساء الكهنة وقال: ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم ... (متى26: 14،15)
كان يهوذا رجلاً شرهاً يحب المال. كان يعظ بالإنجيل وكان يرافق الرب يسوع مدة أيام خدمته الجهارية. وكان يستمع إلى كلامه ويرى طرقه ويختبر رقته. ولكن، للأسف، بالرغم من كونه مبشراً بالإنجيل، إلا أنه لم يكن له قلب للمسيح، بل كان له قلب للمال. كان قلبه يهتز طرباً عندما يفكر في الربح، وكان يتقد نشاطاً وحيوية إذا كانت المسألة مسألة مال. كان أعمق ما في كيانه يهتز للمال، وكان "الصندوق" أعز وأقرب شيء لديه. وعرف الشيطان هذا، عرف شهوة يهوذا الخاصة، وكان يعرف تماماً قيمة الثمن الذي يمكن أن يشتري به يهوذا. نعم كان هذا الإنسان إنسان الشيطان، وعرف الشيطان كيف يستميله وكيف يستخدمه. ويا له من فكر خطير!
ولنلاحظ أن نفس مركز يهوذا جعله مناسباً للشيطان، فمعرفته بطرق المسيح جعلته شخصاً مناسباً لأن يسلمه إلى أيدي أعدائه. إن المعرفة العقلية للأشياء المقدسة، بدون وجود تأثير في القلب، تجعل صاحبها أكثر تحجراً ودنساً وخداعاً. إن المعرفة الحقيقية بالكتاب المقدس تقودنا دائماً إلى قدمي المسيح، ولكن مجرد المعرفة العقلية بالكتاب بدون محبة القلب للمسيح، تجعلنا آلات لها تأثيرها في يد الشيطان. وهكذا في حالة يهوذا ذي القلب المتحجر والمُحب للمال؛ كان له معرفة بدون أن تكون لديه عاطفة للمسيح. وعرف الشيطان أن ثلاثين من الفضة تستطيع أن تشتري خدمة يهوذا في ذلك العمل الشنيع - تسليم السيد.
أيها القارئ، تأمل في هذا! هنا رسول وكارز بالإنجيل، ولكن تحت رداء ادعائه كان له قلب يفيض بالشهوات. كان بقلبه فراغ كبير لأن يسع ثلاثين قطعة من الفضة، ولكن لم يكن به ركن للرب يسوع. يا لها من حالة! ويا لها من صورة! ويا له من تحذير!
أيها المدَّعون بالدين ولا قلب لهم، تأملوا في يهوذا! تفكروا في طريقه! تفكروا في شخصيته! وتفكروا في نهايته! لقد كان يتكلم عن المسيح ولكنه لم يعرفه ولم يؤمن به، وكابن الهلاك "شنق نفسه" و"مضى إلى مكانه".
أيها المسيحيون المدَّعون: احذروا من المعرفة العقلية، ومن الاعتراف الظاهري، ومن التقوى المُصطنعة، ومن التدين الآلي، احذروا من هذه كلها، واطلبوا أن يكون لكم قلب للمسيح.