[size=21]البابا شنودة: 38 عاما على عرش الكنيسة المصرية
تقرير: طارق القزيري
مفردات البحث الأقباط الخلافة الرئيس الكنيسة شنودة مبارك مصر
إذاعة هولندا العالمية – أميرة الطحاوي/ احتفل أقباط مصر هذا الأسبوع بالعيد الثامن والثلاثين لتنصيب البابا شنودة على عرش الكنيسة القبطية المصرية،ورغم أن عمره تعدى السادسة والثمانين لازال الرجل يثير من الجدل الكثير، ليس فقط على صعيد مسئولياته الدينية.
ووسط وجود أمني مكثف خارج مقر الكاتدرائية الضخم بضاحية العباسية والذي أنشيء في الستينات، احتفل الأقباط المصريون بعيد جلوس البابا شنودة على الكرسي البابوي، جاء الاحتفال مبكرا بيوم واحد بسبب مباراة كرة قدم، ومع هذا شهد الحفل حضورا مكثفا بالأخص من الشباب.
? القيمة بالشعب
" أنا بدون الشعب لا قيمة لي " هذا ما قاله البابا في الاحتفال به الجمعة الماضية، شكرهم لأنهم "رقصوا طربا لأجله" يعرف قدره كزعيم "قديم" لأقباط مصر وعددهم بحسب تصريح له نهاية العام الماضي 12 مليون نسمة، فيما تصر دوائر حكومية على أن العدد يقدر بـ10 % من تعدادا مصر( 84 مليون نسمة)، أما الأقباط أنفسهم فهم غير راضين عن رقم راعيهم الديني ولا تقدير حكومتهم الدنيوية، بعضهم يرفع الرقم ليصل به لـ15 مليونا.
إنه محارب، بالمعنيين الحرفي والمجازي للكلمة: فقد شارك في حرب فلسطين العام 1948 ضمن الجيش المصري، عنيد فيما يعتقد أنه الحق، وصفه كتاب بأنه "الثائر الحكيم"، ومع هذا لم يسلم من اتهامات أقباط غالبهم بالخارج من أنه "يفرط في حقوقنا". اصطدم مع الرئيس المصري السابق السادات(1970-1981) ،وتماما كما كثيرين غيره جاء الصدام بعد أن تعمقت علاقتهما.
? عمود صحفي متسامح
يجيد شنودة العربية الفصحى، لكن تعليقاته بالمصرية المحكية أصبحت تجد مكانا لها في تغطيات صحف خاصة وحتى حكومية في السنوات الأربعة الأخيرة، وهو ما ساهم في أن تجد تصريحاته حول أمور حياتية وسياسية طريقها لجمهور أكبر من المصريين. وللبابا مقال ثابت بجريدة الأهرام شبه الرسمية يهتم فيه بقيم التسامح والتضحية، ويضمنه غالباً نصائح أخلاقية عامة، كتب الكثير من الشعر في شبابه، عندما كان اسمه لم يزل " نظير جيد" قبل تحوله للرهبنة والكهنوت في 18 يوليو 1954.
? مؤهلات عميقة
درس التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، ومع هذا فعندما حصل علي شهادة دكتوراة كانت في علم اللاهوت، والحقيقة أنها ثماني شهادات دكتوراة. ألف العشرات من الكتب المختصة بالدين، وطبعت مئات الكتب التي تحمل عظاته المختلفة، وغيرها من المقالات.
في نهاية السبعينات كان غضب السادات على الجميع، وبينهم رجال دين، لكن مع البابا جاء القرار الرئاسي بتجريده من منصبه وعدم "قبول انتخابه كـ "بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية".
لم تشهد الكنيسة القبطية انقسامات حادة في عهده رغم "غضبه" هو الآخر على آخرين من الكهنة ورجال الدين، ووصل لحد رفض إقامة الصلاة على بعض من توفى منهم.
? علاقة رئاسية هادئة
كطيار حربي، توخى الرئيس التالي مبارك (1981-.. ) الحذر في غالب قراراته، بل وتصريحاته فيما بعد، على هذا تأخر لقاؤه بالبابا المعزول من سلفه حتى العام 1985. واتسمت علاقة الطرفين بهدوء ساعد فيه أن آخرين من رجال الحكم المقربين أصبحوا هم من يتصدوا لمشاكل تخص الأقباط، وليس الرئيس مباشرة، الذي داوم على حضور أو إرسال مندوب عنه في العيدين الأكبر لدى المسيحيين.
يعول شنودة كثيرا على الزمن، فالعديد من قراراته التي يتخذها بالفعل، أو تلك التي يطالبه الأقباط باتخاذها تمتد سنوات دون أن يراجع موقفه فيها أو يدفع بقوة تجاه تنفيذها، فهناك مثلا الأنبا تكلا أسقف دشنا الموقوف منذ 8 سنوات، والمحددة إقامته بأحد الأديرة، وهناك قرار السماح بالطلاق لغير علة الزنا الذي استغرق سنوات حتى تم تمريره.
? مطالب حقوقية
كما طال الزمن بمطالب الأقباط بالقانون الموحد للأحوال الشخصية للطوائف المسيحية لوضع حد للاشتباك الموجود حاليا بين الكنيسة والمحاكم بعد قرار بوقف العمل بالمحاكم الدينية عام 1955 المختصة بشئون المعاملات الأسرية والأحوال الشخصية لغير المسلمين، وقد قال البابا في حوار مع صحيفة الجمهورية شبه الرسمية ونشر أمس بالقاهرة أن إجماع الطوائف المسيحية على قانون بتنظيم شئونها الأسرية كان يعد "معجزة" عندما قدم للبرلمان منذ عام 1980 لكن أحداً لا يعرف لماذا لم يعرض أو تتم إجازة هذا التشريع حتى الآن.
يتبع الكنيسة المصرية العديد من الأبرشيات داخل مصر وخارجها (كالسودان، وأورشليم، وغرب أفريقيا، وفرنسا، وإنجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية) ويوجد أكثر من مليون قبطي بالخارج بالأخص أمريكا واستراليا وبدأت هجرتهم منذ منتصف الستينات ونشط بعضهم في الدفاع عما يسمونه "اضطهاد الأقباط في مصر" ورغم صحة العديد من الوقائع بحدوث عنف ضد مواطنين أقباط كأفراد أو بسبب هويتهم الدينية، فإن حوادث أخرى يجري تضخيمها أحيانا.
وترى جماعات قبطية بالخارج أن العنف ضد الأقباط في مصر "منهجي" تمارسه الدولة أو تغض النظر عنه. لكن كاتبا مثل محمد حسنين هيكل يرى الأمر "حزازات:مشاحنات" وحوادث فردية أو يقوم بها جماعات متطرفة، ورغم عدم نصوص صريحة تحمل تمييزا أو إقصاء للأقباط فإن ترقيهم لمناصب عليا بالبلاد بالأخص في دوائر حكومية قد يصادف عراقيل.
? لا ... لإسرائيل
يتذكر سياسيون للبابا رفضه للتطبيع مع إسرائيل مؤكدا مقولته الشهيرة "لن ندخل القدس إلا مع إخواننا المسلمين" ومن ثم صار ذهاب الأقباط للحج بكنيسة القيامة بالقدس من المحظورات عليهم.
وفي 2006 بدأت سريعا كما خفتت تحركات الأنبا ماكسيموس الأول راعى كنيسة المقطم وهو من تلاميذ الأب متى المسكين الذي كان هو الآخر على خلاف مع البابا شنودة حتى وفاته. اهتم الإعلام به وقابله مسؤولون في الحزب الحاكم، لكن سرعان ما اقتصر الاهتمام به على القضايا التي رفعها لإثبات اسمه وحقه في ارتداء الزي الكهنوتي!.
? سخرية البابا ... لاتعنيهم
ساخراً من ترشيح أحد الأقباط لرئاسة البلاد في الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستجري عام 2011، نقل عن البابا الجمعة أن هذا الأمر "محض خيال ووهم وكلام غير معقول". لكن المرشح وهو محام قال إن رأى البابا "رأي شخصي لا يلزمنا ولا يقيدنا".
ينتقده أقباط علمانيون عندما يتحدث في السياسة، لكن آخرين مسلمين ومسيحيين انتقدوا أيضا إعلانه الشهر الفائت تأييده لترشح جمال مبارك، نجل الرئيس المصري الحلي، للانتخابات الرئاسية وأنه "الأفضل لهذا المنصب".
لا ينسى الجانب الرسمي والبروتوكولي، لدرجة انه يخصص دقائق من خطبته المذاعة عبر التلفزيون في عيدي الميلاد والقيامة لشكر القيادات التنفيذية والأمنية بالبلاد. يرفض إسقاط بند لاختيار البابا المقبل عن طريق "القرعة" بين ثلاثة مرشحين يتبقون بعد اختيارهم على عدة مراحل من قبل رجال الكنيسة، وهو أمر معمول به من قبل.
? الخلافة .. مسكوت عنها
ويرى أن تلك الطريقة أيضا تفضيل شعبي؛ إذ يقنع الناس بأن الله هو الذي اختار هذا الشخص، تماماً كما اختير بالقرعة الرسول الثاني عشر ليُكمل تلامذة السيد المسيح.
وكلما مر عارض صحي بالبابا شنودة، يفتح الباب حول شخصية من سيخلفه، وأنشئت قنوات فضائية قبطية كل منها مقرب لأحد رجال الدين المسيحي الذين تطرح أسماؤهم كخلفاء محتملين، لكن أيا منها لا يجرؤ على نقاش الأمر. خاصة أن رحلات البابا للعلاج وأطولها العام الماضي، عاد منها بصحة ليست بالسيئة لرجل في السادسة والثمانين.
تاريخ نشر الخبر : 19/11/2009
[/size]