(1)
ذهب الخدام كالعادة لإحدى الدورات البعيدة عن الكنيسة..وبدأوا فى تجميع الأولاد فى المكان المحدد المتفق عليه..ولكن بمرور الوقت أحس الخدام أن الميكروباس قد تأخر خلاف العادة وأنه ربما قد حدث شئ ما...
وفجأة وجدوا أمامهم الخادم المرافق للميكروباس مسيقلآ تاكسى ووقف أمامهم وأخبرهم أن الميكروباس قد تعطل وقد أسرع بتأجير تاكسى لإحضارهم...المشكلة التى واجهتالخدام أن التاكسى لن يعود مرة أخرى وظهرت المشكلة ثانية حينما تسابق الجميع على ركوب التاكسى وإتضح أنه لن يساع كل هذا العدد وقد تأخر الوقت جدآ فقرر الخدام ركوب بعض الأولاد والبقية سوف تصل الكنيسة بالمواصلات مع الخدام....
وهنا...بدأت المشاجرة لكنها من نوع جديد...فبدأ الأولاد يتشاجرون عمّن ينزل من التاكسى لشعوره أن بقية أخوته لايستطيعون أن يقفوا أكثر من ذلك،فى حين أنه يستطيع أن يقف أو يستقل أى مواصلات ونزل تقريبآ نصف من كانوا بالتاكسى حتى يركب الأخرين...
وكانت بذلك مشاجرة محبة وكل واحد يفضّل أخيه وإن تعب هو قليلآ...
وأخيرآ وصل الجميع للكنيسة بعد أن أعطوا مثالآ واضحآ للمحبة والبذل التى علمها لنا السيد المسيح نفسهحين قال
"إن الراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف"
وقدّم نفسه وبذلها من أجلنا لكى يعلمنا نحن الخراف أن المحبة هى فى العطاء والتضحية والبذل.
(2)
كان عماد مواظبآ على حضور مدارس الأحد لكنه كان لا يكلّم أحدآ....يأتى على ميعاد مدارس الأحد وينصرف مباشرة بعدها،وفى إحدى زيارات خادم مدارس الأحد له صارحه عماد أنه لايشعر بمحبة الآخرين له فجاوبه الخادم أن من يريد محبة الأخرين عليه أن يبدأ هو بمحبتهم أولآ...فقال عماد للخادم أنه يحبهم ولكنه لايعرف كيف يقدم لهم هذا الحب فقال الخادم يجب أن تترجم هذا الحب إلى عمل وأبسط هذه الأعمال أن تأخذ بعض أسماء زملائك الذين يسكنون بجوارك ولكنهم غير مواظبين على حضور الكنيسة وتبدأ أن تمر عليهم قبل أن تأتى مدارس الأحد ليحضروا معك...
فوافق عماد ونزل مع الخادم ليتعرف عليهم ويعرف منازلهم...
بدأ عماد هذا العمل بنشاط كبير إذ كان يمر على إثنين أو ثلاثة فى كل مرة وكان لايمل فى المرور عليهم بالرغم من أن بعضهم كان لايحضر الكنيسة لعدة أسابيع متصلة وزاد عماد فى عملههذا بأنه كان يذهب مع الخادم لهم إذا مرض أحدهم...وزادت نسبة حضور هؤلاء الزملاء لمدارس الأحد وزادت علاقة الحب بين عماد وزملائه والتى شعر بها عماد عندما لم يتمكّن فى إحدى المرات من حضور مدارس الأحد فوجد هؤلاء الزملاء مع الخادم وقد أتوا له ليسألوا عنه...
أخى...أختى ...من يريد المحبة فعليه أن يبدأ هو بها...أبسط شئ تستيطع أن تقدمه للمسيح الذى أحبك أن تأتى له بمن هم بعيدون عنه ليرتووا هم أيضآ بمحبته.
(3)
فى صباح أحد أيام الصيف، كانت الحركة بالكنيسة غير عادية فقد كان هذا هو أخر يوم من أيام النادى الصيفى الذى تنظمه الكنيسة من أول الصيف لملء أوقات فراغ أبنائها ولكى يتجمعوا معآ فى محبة لقضاء أوقات سعيدة تحت رعاية الكنيسة...
وكان الخدام منذ الليلة السابقة يعدّون لحفل ختام النادى،وبعد أن حضر أولاد مدارس الأحد القداس الإلهى نزلوا لتناول الإفطار..وبعد فترة وجيزة بدأت الحفلة وتوالت الفقرات والكل سعيد وهم فى فرحة غامرة...
وقبل نهاية الحفل أعلن الخدام عن تقديم جائزة للولد أو البنت المثالية طوال فترة النادى،ووقف أمين الخدمة ليعلن عن الأسم الذى رشحه الخدام ليفوز بالجائزة،وإنتظر جميع الأولاد وهم فى حالة إنتباه من سيفوز؟؟!!
وساد المكان هدوء تام حتى أعلن الخادم عن إسم الولد الفائز بالجائزة فوقف من بين الأولاد وبدأ التصفيق له،وذهب إلى الخادم لتسلّم جائزته فوقف أمام الميكروفون وقال:
"أنا أشكر الأساتذة لأنهم إختارونى لأفوز بالمسابقة والجائزة ولكننى لا أستحق هذه الجائزة"
وهنا دوت صيحات الأولاد من هذه المفاجأة وسأله الخادم عن السبب فعاود حديثه:
"الجائزة دى هتنازل عنها لصديق لىّ أعتقد إنه أحق منى بها وهو موجود معنا هنا"
وما أن نطق بإسمه ووقف صديقه من بين الجالسين حتى دوى تصفيق حاد إعجابآ بهذا الموقف المثالى الذى قام به هذا الولد والذى لم ينس أنه بمحبته هذه قد قام بتطبيق عملى جدآ للأية
"مقدمين بعضكم بعضآ فى الكرامة".
(4)
كان عادل تلميذآ مهذبآ ووديعآ متفوقآ فى حياته الدراسية بل والروحية أيضآ،مواظبآ على حضور القداسات والتناول من جسد الرب ودمه وقراءة الإنجيل...مداومآ على حضور مدارس الأحد وكان مشهودآ له من الجميع..لكن عدو الخير لايترك أولاد الله ناجحين فى حياتهم الروحيةبل يحسدهم على رضا الله والناس عنهم،ويحاول إيقاعهم فى الخطية ليبعدهم عن الله،فحرّك زميلآ له بالفصل معروفآ بأستهتاره وسوء سلوكه ليتقرب من عادل بحجة حاجته لمعاونته فى فهم ما غاب عنه من دروس...
وسرعان ما توطدت الصداقة بينهما...
ونظرآ لأ"المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة" فقد تحول عادل إلى ولد مستهتر كثير اللعب،كثير التغيب عن المدرسة،وهبط مستواه الدراسى بصورة ملحوظة وبدأت شكوى والديه منه...ولكن الله لايترك أولاده...
فقد لاحظ مرقس وهو زميل له بفصله كثرة تغيب عادل عن المدرسة وعن فصل مدارس الأحد
فبعد أن كان عادل مضرب المثل فى الأخلاق والنظام والتفوق محبآ للجميع...أصبح مكروهآ من الجميع منبوذآ..
فآلم ذلك مرقس جدآ وأخذ يصلى بحرارة من أجله وبيّن خطورة الطريق الذى يسير فيه فأخذ يقسو عليه تارة وتارة أخرى يبيّن له حنان الله ومحبته...فشعر عادل بخطئه وندم على ما بدر منه وذهب إلى أب إعترافه ليبدأ صفحة جديدة وليرجع كما كان أولآ أمينآ فى دراسته وأمينآ فى علاقته بربنا...ومن تلك اللحظة أصبح عادل ومرقس صديقين حميمين لايفترقان
فحقآ قال الكتاب
"أمينة هى جراح المحب وغاشة هى قبلات العدو"(أم6:27).
(5)
فى أحد معسكرات مدارس الأحد قام الخادم المسئول بتوزيع العمل بالمطبخ كما هى العادة على الأولاد لتنظيفه... بعد كل وجبة
يشترك جميع الأولاد بالتناوب على مدى أيام المعسكر...ومنذ أول يوم إستأذن منه أحد الأولاد للعمل مع المجموعة التى عليها الدور فسمح له الخادم وقد أخفى الدهشة فى قلبه...ولكنه أخذ يتابعه ويلاحظه فوجده يأخذ الأعمال الشاقة من إخوته وكان يتكفّل دائمآ بغسل الأطباق والأوعية الكبيرة التى يُعد فيها الطعام...وكان يفعل ذلك بكل سرور...وفى اليوم الأخير من المعسكر أخذ الأولاد يعدّون حقائبهم أما هو فأعد حقيبته بسرعة ثم أخذ أوعية القمامة يفرغها وبعدها بدأ فى توضيب الأوانى وغسل ماكان غير نظيف حتى ترك المطبخ فى حالة ممتازة...
وفى الختام عقد الخادم إستفتاء كتابى بين الأولاد لإختيار الولد المثالى...
ففاز باللقب ثلاثة أولاد كان أحدهم هو...كان هذا الولد مثالآ رائعآ للمحبة التى تُبذل ولا تطلب ما لنفسها...يتعب لكى يرتاح إخوته...وفى كل هذا كان فى منتهى الفرحة واللهفة لكى يعمل أعمالآ أخرى...
فحقآ قال الأنجيل
"مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ"(أع35:20).
(6)
مارى بنت من بنات مدارس الأحد فى فصل الملايكة،وكانت ذكية جدآ ومحبوبة من أسرتها،ولكن...يشاء الله أن تسقط من الدور الرابع ويحدث لها إرتجاج شديد بالمخ ونزيف داخلى وعدم النطق والحركة لمدة زادت عن سنة فى أحد المستشفيات...
وهنا ظهرت محبة زملائها وزميلاتها فى فصل الملايكة لها...فى يوم مدارس التربية الكنسية إجتمع الأطفال كلهم والخادم أما كل أيقونة من أيقونات القديسين فى الكنيسة وعملوا تمجيد لكل قديس هكذا:
أمام أيقونة العذراء مثلآ يقولوا..."السلام لكى يا ستى يا عذراء لاتنسى مارى فى صلاتك آمين..."
وهكذا أمام صور القديسين...
وتحدث المعجزة ونسمع عن تطور العلاج مع مارى فأصبحت تنتبه إلى ما حولها وأصبحت تأكل وتشرب وتتحرك وتتكلّم والحمد لله الذى إستجاب لصلوات زملائها وزميلاتها المحبين لها كما علمنا السيد المسيح
"إن إتفق إثنان منكم على الأرض فى أى شئ يطلبانه فإنه يكون لهم من قبل أبى الذى فى السموات"(مت19:18).
(7)
حدث فى أحد أيام النادى الصيفى بالكنيسة أن ذهب سامح وإشتكى لأحد الخدام بوجود مجموعة زملاء له عندهم أنانية كبيرة فهم لايريدونه أن يلعب معهم،وأن هانى لايريد أن يعطيه مضرب تنس الطاولة حتى يستطيع أن يلعب..
فإتفق الخادم معه أنه عندما يجئ ميعاد لعبه سيلعب هو معه وذهب الخادم وتكلّم مع هانى فوافق أن يعطيه المضرب لكن ليس عن حب بل خجل من الخادم...وعلى أن يلعب هو مباراة بعد أن تنتهى مباراة سامح...وعندما جاء ميعاد اللعب تقدم الخادم ومعه سامح للعب المباراة ولكن وقعت المفاجأة من سامح الذى رفض اللعب أولآ وتقدّم إلى هانى وطلب منه أن يلعب هو بدلآ منه...وكانت هذه المحبة المفاجأة لهانى الذى رفض أن يلعب هو أولآ لأنه دور سامح...فزاد إصرار سامح أن يلعب هانى أولآ...ولعب هانى أولآ وبعد إنتهاء المباراة جرى وأعطى سامح مضربه...ولكن هذه المرة فى محبة كبيرة.
وبذلك قدّم لنا سامح كيف تكون المحبة وعرف كيف يتغلّب على الأنانية ويحولها إلى محبة بحفظه لوصية السيد المسيح والعمل بها..
"هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضآ كما أحببتكم"(يو12:15).
(
مينا فتى نشيط من مدارس الأحد سنه تجاوز الرابعة عشر بقليل،حدث معه موقف عجيب فى المدرسة..كان واحد من زملائه غير المسيحيين يعامله معاملة خشنة بعض الشئ،على الرغم من أن مينا كان يحترم الجميع...وحدث أن هذا الزميل أصيب بمرض صدرى ألزمه الفراش فى مستشفى الأمراض الصدرية ببلدة مجاورة لأن البلدة التى كان يسكن فيها مينا لم يكن فيها مستشفى خاصة بالأمراض الصدرية...وعندما طال تغيّب هذا الزميل عن المدرسة،سأل مينا عليه ولما عرف بقصة مرضه إتفق مع مجموعة من زملائه أن يسافروا ليسألوا عن زميلهم المريض،وفعلآ حددوا يومآ للذهاب بعد المدرسة وسافروا مع بعضهم بالأتوبيس وقد أخذوا معهم هدية قيّمة...وعندما وصلوا المستشفى كان من تدبير ربنا أنهم ذهبوا فى ميعاد الزيارة وهم لايدرون...فصعدوا الدور الثالث لزميلهم الذى فوجئ بهم،وعندما وقعت عيناه على مينا دُهش جدآ وبالكاد إستطاع أن يمنع دموعه من التساقط...وبعد أن قضوا معه وقتآ طيبآ عادوا لبلدتهم...ولما طالت فترة الغياب زاره مرة ثانية وثالثة إلى أن عاد لبلدته ومدرسته...ومن يومها تغيّرت العلاقات تمامآ بين مينا وهذا الولد فقد بدأ الولد يحبه ويحترمه جدآ وشعر بحلاوة المسيحية التى يعيشها مينا الذى كان ينفذ وصية المسيح
"إن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم أليس العشارون أيضآ يفعلون ذلك...فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل".
ليديا فتاة فى الصف الأول الإعدادى ، كثيراً ما تحضر القداسات والإجتماعات فى الكنيسة ..
تقابلت معها فى يوماً بعد القداس وسألتها عن الدراسة والإمتحانات وعن زميلاتها الجدد فى المدرسة .. فبدأت تقص لى عن موقف حدث معها فى أول إسبوع من الدراسة ..
فقالت لى: ذهبت إلى المدرسة مبكراً فى اليوم الأول لبداية العام الدراسى ، وتقابلت مع صديقاتى فى الحوش قبل أن يبدأ الطابور ، ولكن سرعان ما ضرب الجرس وتفرقنا حيث لم نجتمع فى فصل واحد .. ودخلت الفصل وذهبت لأجلس فى المقدمة كعادتى .. وبالفعل وجدت المكان المناسب ولكن بعد لحظات إكتشفت أنى اجلس بجانب فتاة لم أعرفها من قبل .. فإضطربت فى البداية ولكنى طلبت من الله أن يساعدنى فى أن استطيع أن أتعامل معها ..
وقمت بالمبادرة الأولى لأتعرف عليها ، ولكن للأسف كان كلامها معى سيئاً جداً على الرغم من أن تعاملها مع باقى الزميلات كان جميلاً .. فحزنت فى البداية لأنى فكرت فى باقى السنة ماذا سأفعل بجانب هذه الزميلة حتى نهاية السنة ونحن الآن فى اليوم الأول؟ّ
وجاء ميعاد الفسحة وتقابلت مع صديقاتى وقصصت لهن عن هذه الفتاة .. فكان ردهن "عامليها زى ما بتعاملك" .
ولكنى لم أجد فى هذا الرد روح المحبة التى أعطانا يسوع إياها .. فذهبت إلى الكنيسة بعد المدرسة وطلبت من الله أن يعيننى على تحمـــُـــل الإساءة من هذه الفتاة .
ومرت أربعة أيام ولم تتغير طريقة معاملتها معى ، لكن جاء اليوم الخامس من بداية الدراسة ولم تأت هذه الزميلة إلى المدرسة لمدة ثلاثة أيام مما أثار قلقى .. فذهبت لأبحث عن رقم تليفونها من باقى الزميلات ، وفعلاً وصلت إليها وإتصلت بها .. وكانت المفاجأة حينما علمت أن والدها قد توفى من ثلاثة أيام بعد أن ظل يعانى من المرض لفترة طويلة ، وكانت هذه البنت ترعاه طوال هذه الفترة ... فتحدثت معها وعزيتها على وفاة والدها ... ورت أيام الغياب وعادت إلى الدراسة فوجدت أنه قد فاتها كثير من الدروس ... فبدأت أجلس معها بعد الدراسة فى المدرسة وأشرح لها ما يصعب عليها فهمه من دروس ..
وفى يوم وجدت هذه الزميلة تقول لى:
"على فكرة يا ليديا أنا أول مرة أتعامل فيها مع بنت مسيحية ... أنا كنت فاكراكم غير كده ...!".
أصدقائى ...
ألا ترون فى هذا الموقف أنه بأعمالنا الصالحة نستطيع أن نجعل المحيطين بنا يمجدون الله كما ذكر الإنجيل:
"فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات"
"مت 16:5" .
(2) ورقة المحبة
------------------
كانت فى خلوة روحية فى بيت خلوة فى دمنهور يسمى "بيت الكرمة"وكان عددهم قليلاً من بنات إعدادى لا تتجاوز الأثنتى عشر فتاة ومعهم خادمتان أسردت تقول:
خرجت من هذه الخلوة وقد تأثرت بموقف هزنى وهز كل صديقاتى ... سأروى لكم من البداية:
- بدأت القصة بهزار ... فقد بدأنا نسخر من إحدى البنات ، مع كل حركة تقوم بها نقلدها ونضحك عليها
ولكنها لم تغضب فقد كانت هى الأخرى تمزح معنا ... ولكننا فكرنا أن نلعب هذه اللعبة كل يوم مع واحدة
نسخر منها ونضحك عليها وعلى طريقة كلامها ، لبسها ، مشيتها ، أسئلتها ...
وبعد يم إنتبهت الخادمة أننا لم نكف عن السخرية من البنات ، فسألتنا وأخبرناها عن الخطة التى وضعناها ... فسكتت ولم ترد وسرحت ، فإستغربنا أنها لم تغضب منا أو تنتهرنا ...
وفى اليوم التالى - قبل الخلوة الفردية - إذ بالخادمة تطلب طلباً غريباً ، وهو أن تكتب كل واحدة إسماء كل بنات الخلوة وأسماء الخادمات فى ورقة عدا إسمها هى ...!!
ففعلنا مستغربين ... ثم قالت لنا سنأخذ تدريباً فى الخلوة الفردية ، ستكتب كل واحدة أمام كل إسم من اسماء أخواتها كل المميزات التى تراها فيها ... وحتى وإن لم تجد شيئاً فلتجاهد أن تجد لها صفة حلوة فيها ...
ورغم غرابة الموضوع فعلناه لنعرف ماذا بعد ذلك ...!
بعد الخلوة سلمنا الورقة للخادمة ... وكانت مفاجأة حفلة السمر أن قرأت الخادمة صفات كل بنت فى لها على حدة ... وكم كانت فرحتنا عندما سمعناها تقول:
- فلانة لذيذة ، معطائة ، تحب الخدمة ... وفلانة هادئة ، وديعة ، مطيعة ...
وفلانة ..
... وهكذا ... وعرفنا كيف يجب أن نبحث فى الآخرين عن النقاط المضيئة ونشجعها ولا ننقب عن الضعفات وننتقدها .
وكان هذا درساً لنا فى العين البسيطة الطاهرة ، ولازلنا نحتفظ بهذه الورقة الثمينة ...
ونفرح لكما مر وقت وأعدنا قراءتها مرات كثيرة ..
(3) إسبوع الآلام
-------------------
أنه يوم معروف بيوم الإزدحام الشديد فى الكنيسة من أول الصباح حتى الساعة السادسة مساءً تقريباً فهو الجمعة العظيمة .
وإتفق مجموعة من الأصدقاء للذهاب مبكراً للكنيسة للجلوس فى الأماكن الأمامية لمتابعة الطقوس الكنسية فى ذلك اليوم
وفعلاً تم ذلك فى الساعة الثامنة صباحاً وإستمر اليوم بصلواته الحزينة الرائعة الجمال والأصدقاء مأخوذين بروحانية هذا اليوم .
وعند الساعة الثانية ظهراً إمتلأت الكنيسة على آخرها ولاحظ الأصدقاء أن كثيراً من الرجال كبار السن الذين آتوا متأخرين واقفين وبدأوا فى التعب ...
وبسرعة تشاوروا وقاموا جميعاً معطين أماكنهم لهؤلاء الرجال مفضلين أن يحتملوا الوقوف فى الصلاة باقى اليوم فى سبيل راحة هؤلاء الرجال من كبار السن معطين مثالاً للمحبة .
متمثلين بالرب يسوع المصلوب ومتذكرين قول الرسول بولس ..
"لاتنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل كل واحد إلى ما هو للآخرين أيضاً"
"فى 4:2" .
(4) سمعنا صوته
------------------
سارة فتاة فى الصف الأول الإعدادى ، إعتادت كل يوم جمعة أن تذهب قبل ميعاد مدارس الأحد إلى صديقاتها الساكنات فى نفس المنطقة وذلك لتشجيعهن على الذهاب لمدارس الأحد ..
وكان يسكن فى الشارع الخلفى لمنزل سارة ثلاثة بنات إخوات فى سن إعدادى ... وكانت شقتهن تقع فى الدور الخامس "ولا يوجد اسانسير" ، فكانت تذهب إليهن وتصعد السلالم رغم علوها دون كسل لتجذبهن معها إلى الكنيسة ..
ولكن للأسف كن دائماً يتكاسلن فى الذهاب معها ، فأحياناً يقلن لها:
"عندنا مذاكرة" أو "الدنيا برد" ..."جيلنا ضيوف" ... وهكذا فى كل مرة تذهب إليهن ..
وإكتشفت سارة أن هذا نتيجة لوالدهن الذى ملأ الشيطان قلبه ، فقد كان يقول لهن:
- أيه مدارس الأحد دى ... إنتوا بتاخدوا منها أيه غير تضييع وقت المذاكرة .
وفى كل مرة لم تمل سارة فى الذهاب إليهن رغم السلالم ورغم كلام والدهن .
ولكن فى يوم جمعة وقبل ميعاد مدارس الأحد سمعت سارة جرس الباب ، ففتحت الباب وتعجبت حينما وجدت الثلاثة يقلن لها:
- إحنا بنشجعك النهاردة ... ده بابا قال لنا حرام تروح لوحدها .
ومن هذه اللحظة بدأ الأب يشجع بناته الثلاثة على ال1هاب للكنيسة ... فقد وجد هذا الأب مدى حلاوة مدارس الأحد فى تعاليمها من شدة إلحاح سارة على تشجيع بناته للذهاب معها .
أصدقائى ...
ألا ترون من هذا الموقف أن الله كثيراً ما يرسل إلينا صوته ليشجعنا ، إما عن طريق أبونا أو الأستاذ فى مدارس الأحد أو التاسونى أو إحدى صديقاتنا ...
ولكننا نتحايل على هذا الصوت بأشيائ كثيرة تجتمع كلها فى كلمة واحدة وهى الكسل ...
هل رأيتم أمانة سارة فى تعبها من أجل إخواتها رغم الصعوبات التى واجهتها
وكيف أن الرب إستجاب لتعب محبتها!
فتعال معى لنتذكر هذه الآية التى تقول:
"إذا سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" .
ذهب الخدام كالعادة لإحدى الدورات البعيدة عن الكنيسة..وبدأوا فى تجميع الأولاد فى المكان المحدد المتفق عليه..ولكن بمرور الوقت أحس الخدام أن الميكروباس قد تأخر خلاف العادة وأنه ربما قد حدث شئ ما...
وفجأة وجدوا أمامهم الخادم المرافق للميكروباس مسيقلآ تاكسى ووقف أمامهم وأخبرهم أن الميكروباس قد تعطل وقد أسرع بتأجير تاكسى لإحضارهم...المشكلة التى واجهتالخدام أن التاكسى لن يعود مرة أخرى وظهرت المشكلة ثانية حينما تسابق الجميع على ركوب التاكسى وإتضح أنه لن يساع كل هذا العدد وقد تأخر الوقت جدآ فقرر الخدام ركوب بعض الأولاد والبقية سوف تصل الكنيسة بالمواصلات مع الخدام....
وهنا...بدأت المشاجرة لكنها من نوع جديد...فبدأ الأولاد يتشاجرون عمّن ينزل من التاكسى لشعوره أن بقية أخوته لايستطيعون أن يقفوا أكثر من ذلك،فى حين أنه يستطيع أن يقف أو يستقل أى مواصلات ونزل تقريبآ نصف من كانوا بالتاكسى حتى يركب الأخرين...
وكانت بذلك مشاجرة محبة وكل واحد يفضّل أخيه وإن تعب هو قليلآ...
وأخيرآ وصل الجميع للكنيسة بعد أن أعطوا مثالآ واضحآ للمحبة والبذل التى علمها لنا السيد المسيح نفسهحين قال
"إن الراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف"
وقدّم نفسه وبذلها من أجلنا لكى يعلمنا نحن الخراف أن المحبة هى فى العطاء والتضحية والبذل.
(2)
كان عماد مواظبآ على حضور مدارس الأحد لكنه كان لا يكلّم أحدآ....يأتى على ميعاد مدارس الأحد وينصرف مباشرة بعدها،وفى إحدى زيارات خادم مدارس الأحد له صارحه عماد أنه لايشعر بمحبة الآخرين له فجاوبه الخادم أن من يريد محبة الأخرين عليه أن يبدأ هو بمحبتهم أولآ...فقال عماد للخادم أنه يحبهم ولكنه لايعرف كيف يقدم لهم هذا الحب فقال الخادم يجب أن تترجم هذا الحب إلى عمل وأبسط هذه الأعمال أن تأخذ بعض أسماء زملائك الذين يسكنون بجوارك ولكنهم غير مواظبين على حضور الكنيسة وتبدأ أن تمر عليهم قبل أن تأتى مدارس الأحد ليحضروا معك...
فوافق عماد ونزل مع الخادم ليتعرف عليهم ويعرف منازلهم...
بدأ عماد هذا العمل بنشاط كبير إذ كان يمر على إثنين أو ثلاثة فى كل مرة وكان لايمل فى المرور عليهم بالرغم من أن بعضهم كان لايحضر الكنيسة لعدة أسابيع متصلة وزاد عماد فى عملههذا بأنه كان يذهب مع الخادم لهم إذا مرض أحدهم...وزادت نسبة حضور هؤلاء الزملاء لمدارس الأحد وزادت علاقة الحب بين عماد وزملائه والتى شعر بها عماد عندما لم يتمكّن فى إحدى المرات من حضور مدارس الأحد فوجد هؤلاء الزملاء مع الخادم وقد أتوا له ليسألوا عنه...
أخى...أختى ...من يريد المحبة فعليه أن يبدأ هو بها...أبسط شئ تستيطع أن تقدمه للمسيح الذى أحبك أن تأتى له بمن هم بعيدون عنه ليرتووا هم أيضآ بمحبته.
(3)
فى صباح أحد أيام الصيف، كانت الحركة بالكنيسة غير عادية فقد كان هذا هو أخر يوم من أيام النادى الصيفى الذى تنظمه الكنيسة من أول الصيف لملء أوقات فراغ أبنائها ولكى يتجمعوا معآ فى محبة لقضاء أوقات سعيدة تحت رعاية الكنيسة...
وكان الخدام منذ الليلة السابقة يعدّون لحفل ختام النادى،وبعد أن حضر أولاد مدارس الأحد القداس الإلهى نزلوا لتناول الإفطار..وبعد فترة وجيزة بدأت الحفلة وتوالت الفقرات والكل سعيد وهم فى فرحة غامرة...
وقبل نهاية الحفل أعلن الخدام عن تقديم جائزة للولد أو البنت المثالية طوال فترة النادى،ووقف أمين الخدمة ليعلن عن الأسم الذى رشحه الخدام ليفوز بالجائزة،وإنتظر جميع الأولاد وهم فى حالة إنتباه من سيفوز؟؟!!
وساد المكان هدوء تام حتى أعلن الخادم عن إسم الولد الفائز بالجائزة فوقف من بين الأولاد وبدأ التصفيق له،وذهب إلى الخادم لتسلّم جائزته فوقف أمام الميكروفون وقال:
"أنا أشكر الأساتذة لأنهم إختارونى لأفوز بالمسابقة والجائزة ولكننى لا أستحق هذه الجائزة"
وهنا دوت صيحات الأولاد من هذه المفاجأة وسأله الخادم عن السبب فعاود حديثه:
"الجائزة دى هتنازل عنها لصديق لىّ أعتقد إنه أحق منى بها وهو موجود معنا هنا"
وما أن نطق بإسمه ووقف صديقه من بين الجالسين حتى دوى تصفيق حاد إعجابآ بهذا الموقف المثالى الذى قام به هذا الولد والذى لم ينس أنه بمحبته هذه قد قام بتطبيق عملى جدآ للأية
"مقدمين بعضكم بعضآ فى الكرامة".
(4)
كان عادل تلميذآ مهذبآ ووديعآ متفوقآ فى حياته الدراسية بل والروحية أيضآ،مواظبآ على حضور القداسات والتناول من جسد الرب ودمه وقراءة الإنجيل...مداومآ على حضور مدارس الأحد وكان مشهودآ له من الجميع..لكن عدو الخير لايترك أولاد الله ناجحين فى حياتهم الروحيةبل يحسدهم على رضا الله والناس عنهم،ويحاول إيقاعهم فى الخطية ليبعدهم عن الله،فحرّك زميلآ له بالفصل معروفآ بأستهتاره وسوء سلوكه ليتقرب من عادل بحجة حاجته لمعاونته فى فهم ما غاب عنه من دروس...
وسرعان ما توطدت الصداقة بينهما...
ونظرآ لأ"المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة" فقد تحول عادل إلى ولد مستهتر كثير اللعب،كثير التغيب عن المدرسة،وهبط مستواه الدراسى بصورة ملحوظة وبدأت شكوى والديه منه...ولكن الله لايترك أولاده...
فقد لاحظ مرقس وهو زميل له بفصله كثرة تغيب عادل عن المدرسة وعن فصل مدارس الأحد
فبعد أن كان عادل مضرب المثل فى الأخلاق والنظام والتفوق محبآ للجميع...أصبح مكروهآ من الجميع منبوذآ..
فآلم ذلك مرقس جدآ وأخذ يصلى بحرارة من أجله وبيّن خطورة الطريق الذى يسير فيه فأخذ يقسو عليه تارة وتارة أخرى يبيّن له حنان الله ومحبته...فشعر عادل بخطئه وندم على ما بدر منه وذهب إلى أب إعترافه ليبدأ صفحة جديدة وليرجع كما كان أولآ أمينآ فى دراسته وأمينآ فى علاقته بربنا...ومن تلك اللحظة أصبح عادل ومرقس صديقين حميمين لايفترقان
فحقآ قال الكتاب
"أمينة هى جراح المحب وغاشة هى قبلات العدو"(أم6:27).
(5)
فى أحد معسكرات مدارس الأحد قام الخادم المسئول بتوزيع العمل بالمطبخ كما هى العادة على الأولاد لتنظيفه... بعد كل وجبة
يشترك جميع الأولاد بالتناوب على مدى أيام المعسكر...ومنذ أول يوم إستأذن منه أحد الأولاد للعمل مع المجموعة التى عليها الدور فسمح له الخادم وقد أخفى الدهشة فى قلبه...ولكنه أخذ يتابعه ويلاحظه فوجده يأخذ الأعمال الشاقة من إخوته وكان يتكفّل دائمآ بغسل الأطباق والأوعية الكبيرة التى يُعد فيها الطعام...وكان يفعل ذلك بكل سرور...وفى اليوم الأخير من المعسكر أخذ الأولاد يعدّون حقائبهم أما هو فأعد حقيبته بسرعة ثم أخذ أوعية القمامة يفرغها وبعدها بدأ فى توضيب الأوانى وغسل ماكان غير نظيف حتى ترك المطبخ فى حالة ممتازة...
وفى الختام عقد الخادم إستفتاء كتابى بين الأولاد لإختيار الولد المثالى...
ففاز باللقب ثلاثة أولاد كان أحدهم هو...كان هذا الولد مثالآ رائعآ للمحبة التى تُبذل ولا تطلب ما لنفسها...يتعب لكى يرتاح إخوته...وفى كل هذا كان فى منتهى الفرحة واللهفة لكى يعمل أعمالآ أخرى...
فحقآ قال الأنجيل
"مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ"(أع35:20).
(6)
مارى بنت من بنات مدارس الأحد فى فصل الملايكة،وكانت ذكية جدآ ومحبوبة من أسرتها،ولكن...يشاء الله أن تسقط من الدور الرابع ويحدث لها إرتجاج شديد بالمخ ونزيف داخلى وعدم النطق والحركة لمدة زادت عن سنة فى أحد المستشفيات...
وهنا ظهرت محبة زملائها وزميلاتها فى فصل الملايكة لها...فى يوم مدارس التربية الكنسية إجتمع الأطفال كلهم والخادم أما كل أيقونة من أيقونات القديسين فى الكنيسة وعملوا تمجيد لكل قديس هكذا:
أمام أيقونة العذراء مثلآ يقولوا..."السلام لكى يا ستى يا عذراء لاتنسى مارى فى صلاتك آمين..."
وهكذا أمام صور القديسين...
وتحدث المعجزة ونسمع عن تطور العلاج مع مارى فأصبحت تنتبه إلى ما حولها وأصبحت تأكل وتشرب وتتحرك وتتكلّم والحمد لله الذى إستجاب لصلوات زملائها وزميلاتها المحبين لها كما علمنا السيد المسيح
"إن إتفق إثنان منكم على الأرض فى أى شئ يطلبانه فإنه يكون لهم من قبل أبى الذى فى السموات"(مت19:18).
(7)
حدث فى أحد أيام النادى الصيفى بالكنيسة أن ذهب سامح وإشتكى لأحد الخدام بوجود مجموعة زملاء له عندهم أنانية كبيرة فهم لايريدونه أن يلعب معهم،وأن هانى لايريد أن يعطيه مضرب تنس الطاولة حتى يستطيع أن يلعب..
فإتفق الخادم معه أنه عندما يجئ ميعاد لعبه سيلعب هو معه وذهب الخادم وتكلّم مع هانى فوافق أن يعطيه المضرب لكن ليس عن حب بل خجل من الخادم...وعلى أن يلعب هو مباراة بعد أن تنتهى مباراة سامح...وعندما جاء ميعاد اللعب تقدم الخادم ومعه سامح للعب المباراة ولكن وقعت المفاجأة من سامح الذى رفض اللعب أولآ وتقدّم إلى هانى وطلب منه أن يلعب هو بدلآ منه...وكانت هذه المحبة المفاجأة لهانى الذى رفض أن يلعب هو أولآ لأنه دور سامح...فزاد إصرار سامح أن يلعب هانى أولآ...ولعب هانى أولآ وبعد إنتهاء المباراة جرى وأعطى سامح مضربه...ولكن هذه المرة فى محبة كبيرة.
وبذلك قدّم لنا سامح كيف تكون المحبة وعرف كيف يتغلّب على الأنانية ويحولها إلى محبة بحفظه لوصية السيد المسيح والعمل بها..
"هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضآ كما أحببتكم"(يو12:15).
(
مينا فتى نشيط من مدارس الأحد سنه تجاوز الرابعة عشر بقليل،حدث معه موقف عجيب فى المدرسة..كان واحد من زملائه غير المسيحيين يعامله معاملة خشنة بعض الشئ،على الرغم من أن مينا كان يحترم الجميع...وحدث أن هذا الزميل أصيب بمرض صدرى ألزمه الفراش فى مستشفى الأمراض الصدرية ببلدة مجاورة لأن البلدة التى كان يسكن فيها مينا لم يكن فيها مستشفى خاصة بالأمراض الصدرية...وعندما طال تغيّب هذا الزميل عن المدرسة،سأل مينا عليه ولما عرف بقصة مرضه إتفق مع مجموعة من زملائه أن يسافروا ليسألوا عن زميلهم المريض،وفعلآ حددوا يومآ للذهاب بعد المدرسة وسافروا مع بعضهم بالأتوبيس وقد أخذوا معهم هدية قيّمة...وعندما وصلوا المستشفى كان من تدبير ربنا أنهم ذهبوا فى ميعاد الزيارة وهم لايدرون...فصعدوا الدور الثالث لزميلهم الذى فوجئ بهم،وعندما وقعت عيناه على مينا دُهش جدآ وبالكاد إستطاع أن يمنع دموعه من التساقط...وبعد أن قضوا معه وقتآ طيبآ عادوا لبلدتهم...ولما طالت فترة الغياب زاره مرة ثانية وثالثة إلى أن عاد لبلدته ومدرسته...ومن يومها تغيّرت العلاقات تمامآ بين مينا وهذا الولد فقد بدأ الولد يحبه ويحترمه جدآ وشعر بحلاوة المسيحية التى يعيشها مينا الذى كان ينفذ وصية المسيح
"إن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم أليس العشارون أيضآ يفعلون ذلك...فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل".
ليديا فتاة فى الصف الأول الإعدادى ، كثيراً ما تحضر القداسات والإجتماعات فى الكنيسة ..
تقابلت معها فى يوماً بعد القداس وسألتها عن الدراسة والإمتحانات وعن زميلاتها الجدد فى المدرسة .. فبدأت تقص لى عن موقف حدث معها فى أول إسبوع من الدراسة ..
فقالت لى: ذهبت إلى المدرسة مبكراً فى اليوم الأول لبداية العام الدراسى ، وتقابلت مع صديقاتى فى الحوش قبل أن يبدأ الطابور ، ولكن سرعان ما ضرب الجرس وتفرقنا حيث لم نجتمع فى فصل واحد .. ودخلت الفصل وذهبت لأجلس فى المقدمة كعادتى .. وبالفعل وجدت المكان المناسب ولكن بعد لحظات إكتشفت أنى اجلس بجانب فتاة لم أعرفها من قبل .. فإضطربت فى البداية ولكنى طلبت من الله أن يساعدنى فى أن استطيع أن أتعامل معها ..
وقمت بالمبادرة الأولى لأتعرف عليها ، ولكن للأسف كان كلامها معى سيئاً جداً على الرغم من أن تعاملها مع باقى الزميلات كان جميلاً .. فحزنت فى البداية لأنى فكرت فى باقى السنة ماذا سأفعل بجانب هذه الزميلة حتى نهاية السنة ونحن الآن فى اليوم الأول؟ّ
وجاء ميعاد الفسحة وتقابلت مع صديقاتى وقصصت لهن عن هذه الفتاة .. فكان ردهن "عامليها زى ما بتعاملك" .
ولكنى لم أجد فى هذا الرد روح المحبة التى أعطانا يسوع إياها .. فذهبت إلى الكنيسة بعد المدرسة وطلبت من الله أن يعيننى على تحمـــُـــل الإساءة من هذه الفتاة .
ومرت أربعة أيام ولم تتغير طريقة معاملتها معى ، لكن جاء اليوم الخامس من بداية الدراسة ولم تأت هذه الزميلة إلى المدرسة لمدة ثلاثة أيام مما أثار قلقى .. فذهبت لأبحث عن رقم تليفونها من باقى الزميلات ، وفعلاً وصلت إليها وإتصلت بها .. وكانت المفاجأة حينما علمت أن والدها قد توفى من ثلاثة أيام بعد أن ظل يعانى من المرض لفترة طويلة ، وكانت هذه البنت ترعاه طوال هذه الفترة ... فتحدثت معها وعزيتها على وفاة والدها ... ورت أيام الغياب وعادت إلى الدراسة فوجدت أنه قد فاتها كثير من الدروس ... فبدأت أجلس معها بعد الدراسة فى المدرسة وأشرح لها ما يصعب عليها فهمه من دروس ..
وفى يوم وجدت هذه الزميلة تقول لى:
"على فكرة يا ليديا أنا أول مرة أتعامل فيها مع بنت مسيحية ... أنا كنت فاكراكم غير كده ...!".
أصدقائى ...
ألا ترون فى هذا الموقف أنه بأعمالنا الصالحة نستطيع أن نجعل المحيطين بنا يمجدون الله كما ذكر الإنجيل:
"فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات"
"مت 16:5" .
(2) ورقة المحبة
------------------
كانت فى خلوة روحية فى بيت خلوة فى دمنهور يسمى "بيت الكرمة"وكان عددهم قليلاً من بنات إعدادى لا تتجاوز الأثنتى عشر فتاة ومعهم خادمتان أسردت تقول:
خرجت من هذه الخلوة وقد تأثرت بموقف هزنى وهز كل صديقاتى ... سأروى لكم من البداية:
- بدأت القصة بهزار ... فقد بدأنا نسخر من إحدى البنات ، مع كل حركة تقوم بها نقلدها ونضحك عليها
ولكنها لم تغضب فقد كانت هى الأخرى تمزح معنا ... ولكننا فكرنا أن نلعب هذه اللعبة كل يوم مع واحدة
نسخر منها ونضحك عليها وعلى طريقة كلامها ، لبسها ، مشيتها ، أسئلتها ...
وبعد يم إنتبهت الخادمة أننا لم نكف عن السخرية من البنات ، فسألتنا وأخبرناها عن الخطة التى وضعناها ... فسكتت ولم ترد وسرحت ، فإستغربنا أنها لم تغضب منا أو تنتهرنا ...
وفى اليوم التالى - قبل الخلوة الفردية - إذ بالخادمة تطلب طلباً غريباً ، وهو أن تكتب كل واحدة إسماء كل بنات الخلوة وأسماء الخادمات فى ورقة عدا إسمها هى ...!!
ففعلنا مستغربين ... ثم قالت لنا سنأخذ تدريباً فى الخلوة الفردية ، ستكتب كل واحدة أمام كل إسم من اسماء أخواتها كل المميزات التى تراها فيها ... وحتى وإن لم تجد شيئاً فلتجاهد أن تجد لها صفة حلوة فيها ...
ورغم غرابة الموضوع فعلناه لنعرف ماذا بعد ذلك ...!
بعد الخلوة سلمنا الورقة للخادمة ... وكانت مفاجأة حفلة السمر أن قرأت الخادمة صفات كل بنت فى لها على حدة ... وكم كانت فرحتنا عندما سمعناها تقول:
- فلانة لذيذة ، معطائة ، تحب الخدمة ... وفلانة هادئة ، وديعة ، مطيعة ...
وفلانة ..
... وهكذا ... وعرفنا كيف يجب أن نبحث فى الآخرين عن النقاط المضيئة ونشجعها ولا ننقب عن الضعفات وننتقدها .
وكان هذا درساً لنا فى العين البسيطة الطاهرة ، ولازلنا نحتفظ بهذه الورقة الثمينة ...
ونفرح لكما مر وقت وأعدنا قراءتها مرات كثيرة ..
(3) إسبوع الآلام
-------------------
أنه يوم معروف بيوم الإزدحام الشديد فى الكنيسة من أول الصباح حتى الساعة السادسة مساءً تقريباً فهو الجمعة العظيمة .
وإتفق مجموعة من الأصدقاء للذهاب مبكراً للكنيسة للجلوس فى الأماكن الأمامية لمتابعة الطقوس الكنسية فى ذلك اليوم
وفعلاً تم ذلك فى الساعة الثامنة صباحاً وإستمر اليوم بصلواته الحزينة الرائعة الجمال والأصدقاء مأخوذين بروحانية هذا اليوم .
وعند الساعة الثانية ظهراً إمتلأت الكنيسة على آخرها ولاحظ الأصدقاء أن كثيراً من الرجال كبار السن الذين آتوا متأخرين واقفين وبدأوا فى التعب ...
وبسرعة تشاوروا وقاموا جميعاً معطين أماكنهم لهؤلاء الرجال مفضلين أن يحتملوا الوقوف فى الصلاة باقى اليوم فى سبيل راحة هؤلاء الرجال من كبار السن معطين مثالاً للمحبة .
متمثلين بالرب يسوع المصلوب ومتذكرين قول الرسول بولس ..
"لاتنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل كل واحد إلى ما هو للآخرين أيضاً"
"فى 4:2" .
(4) سمعنا صوته
------------------
سارة فتاة فى الصف الأول الإعدادى ، إعتادت كل يوم جمعة أن تذهب قبل ميعاد مدارس الأحد إلى صديقاتها الساكنات فى نفس المنطقة وذلك لتشجيعهن على الذهاب لمدارس الأحد ..
وكان يسكن فى الشارع الخلفى لمنزل سارة ثلاثة بنات إخوات فى سن إعدادى ... وكانت شقتهن تقع فى الدور الخامس "ولا يوجد اسانسير" ، فكانت تذهب إليهن وتصعد السلالم رغم علوها دون كسل لتجذبهن معها إلى الكنيسة ..
ولكن للأسف كن دائماً يتكاسلن فى الذهاب معها ، فأحياناً يقلن لها:
"عندنا مذاكرة" أو "الدنيا برد" ..."جيلنا ضيوف" ... وهكذا فى كل مرة تذهب إليهن ..
وإكتشفت سارة أن هذا نتيجة لوالدهن الذى ملأ الشيطان قلبه ، فقد كان يقول لهن:
- أيه مدارس الأحد دى ... إنتوا بتاخدوا منها أيه غير تضييع وقت المذاكرة .
وفى كل مرة لم تمل سارة فى الذهاب إليهن رغم السلالم ورغم كلام والدهن .
ولكن فى يوم جمعة وقبل ميعاد مدارس الأحد سمعت سارة جرس الباب ، ففتحت الباب وتعجبت حينما وجدت الثلاثة يقلن لها:
- إحنا بنشجعك النهاردة ... ده بابا قال لنا حرام تروح لوحدها .
ومن هذه اللحظة بدأ الأب يشجع بناته الثلاثة على ال1هاب للكنيسة ... فقد وجد هذا الأب مدى حلاوة مدارس الأحد فى تعاليمها من شدة إلحاح سارة على تشجيع بناته للذهاب معها .
أصدقائى ...
ألا ترون من هذا الموقف أن الله كثيراً ما يرسل إلينا صوته ليشجعنا ، إما عن طريق أبونا أو الأستاذ فى مدارس الأحد أو التاسونى أو إحدى صديقاتنا ...
ولكننا نتحايل على هذا الصوت بأشيائ كثيرة تجتمع كلها فى كلمة واحدة وهى الكسل ...
هل رأيتم أمانة سارة فى تعبها من أجل إخواتها رغم الصعوبات التى واجهتها
وكيف أن الرب إستجاب لتعب محبتها!
فتعال معى لنتذكر هذه الآية التى تقول:
"إذا سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" .