كان لأبٍ ابنٌ وحيد، إعتنى وتعب في تربيته، فكبُر الولد وتزوج، وسكن الأب مع
إبنه في نفس البيت، إذ لم يكن له أي مكان آخر للسكن. كبر ذلك الأب وساءت صحته، إذ
أصيب بمرض عصبي، وأصبحت يداه ترتجفان ورأسه يهتز من شدة المرض، فكان كثيرا ما يقع
الطعام منه، وهو يحاول أن يضعه في فمه، واحيانا إذا ما ارتجفت يداه كثيرا وقع منه
الصحن على الأرض منكسرا.
فإتفق إبن ذلك الرجل وزوجته أن يجلسوا الأب في زاوية من
المطبخ على طاولة منفردا، بينما هما مع إبنهما الصغير يأكلان مع بعض على الطاولة
الكبيرة. وصنع لأبوه صحن من خشب ليأكل فيه، حتى إذ وقع من يده على الأرض لا ينكسر.
لم يقدم الأب أي إحتجاج، لكن كان في حلقه غصة صامته... مرّت الأيام، وذات يوم
وبينما الولد الصغير يلعب، وجد قطعة من الخشب، فأخذ يلعب بها محاولا أن يصنع منها
شيئا. فسأله والديه، وماذا تريد أن تصنع منها. فأجابهما، أحاول أن أصنع منها صحنا
أقدمه لكم هدية عندما أكبر. لدى سماعهما ما قاله لهما ابنهما الصغير، أخذ ذلك الشاب
وزوجته يبكيان، واتجها نحو ذلك الأب المسن وبكل رفق أخذاه من طاولته المنفردة
واجلساه معهما على نفس المائدة ليأكلا سوية. يقول الكتاب المقدس: أكرم أباك وأمك
لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب الهك. فنحن بحاجة الى احترام والدينا،
ومعزتهم، وتقديرهم، والإعتناء بهم، ومهابتهم. إن للأهل فضل كبير وعلينا المسؤولية
لسد حاجاتهم. فليعطنا الرب نعمة لكي نعيش وصاياه...
فى أحد
المستشفيات كان هناك مريضان هرمين فى غرفة واحدة . كلاهما معه مرض عضال أحدهما كا
مسموحاً له بالجلوس فى سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر . ولحسن حظه فقد كان سريره
بجانب النافذة الوحيدة فى الغرفة . أما الأخر فكان عليه أن يبقى مستقلياً على ظهره
ناظراً إلى السقف . تحدثا عن أهليهما ، وعن بيتيهما ، وعن حالتهما ، وعن كل شئ
.
وفى كل يوم بعد العصر ، كان الأول يجلس فى سريره حسب أوامر الطبيب ، وينظر فى
النافذة ، ويصف لصاحبه العالم الخارجى . وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها
الأول ، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة فى الخارج ،
ففى الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط . والأولاد صنعوا زوارق من مواد
مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء . وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس
يبحرون بها فى البحيرة . والجميع يتمش حول حافة البحيرة . وهناك أخرون جلسوا فى
ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة . ومنظر السماء كان بديعاً يسر
الناظرين .. وفيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر فى ذهول لهذا الوصف
الدقيق الرائع . ثم يغمض عينيه ويبدأ فى تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج
المستشفى وفى أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً . ورغم أنه لم يسمع عزف الموسيقية
إلا أنه كان يراها بعينى عقله من خلال وصف صاحبه لها . ومرت الأيام والأسابيع وكل
منهما سعيد بصاحبه . وفى أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها ، فوجدت
المريض الذى بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل . ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من
خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهى تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة . فحزن على
صاحبه أشد الحزن . وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب
النافذة . ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبة . ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر
الحديث الشيق الذى كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده . ولكنه قرر أن يحاول الجلوس
ليعوض ما فاته فى هذه الساعة . وتحامل على نفسه وهويتألم ، ورفع رأسه رويداً
مستعيناً بذراعيه ، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة
لينظر العالم الخارجى . وهنا كانت المفجأة !! . لم ير أمامه إلا جداراُ أصم من
جدران المستشفى ، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية . نادى الممرضة وسألها إن كانت
هذه هى النافذة التى كان صاحبه ينظر من خلالها ، فأجابت إنها هى !! فالغرفة ليس
فيها سوى نافذة واحدة . ثم سألته عن سبب تعجبه ، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر
النافذة وما كان يصفه له . كان تعجب الممرضة أكبر ، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان
أعمى ، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ..!!! ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى
لاتصاب باليأس فتتمنى الموت ... ألست تسعد إذا جعلت الآخرين سعداء ؟ إذا جعلت الناس
سعداء فستتضاعف سعادتك ... ولكن إذا وزعت الأسى عليهم فسيزداد
حزنك
إبنه في نفس البيت، إذ لم يكن له أي مكان آخر للسكن. كبر ذلك الأب وساءت صحته، إذ
أصيب بمرض عصبي، وأصبحت يداه ترتجفان ورأسه يهتز من شدة المرض، فكان كثيرا ما يقع
الطعام منه، وهو يحاول أن يضعه في فمه، واحيانا إذا ما ارتجفت يداه كثيرا وقع منه
الصحن على الأرض منكسرا.
فإتفق إبن ذلك الرجل وزوجته أن يجلسوا الأب في زاوية من
المطبخ على طاولة منفردا، بينما هما مع إبنهما الصغير يأكلان مع بعض على الطاولة
الكبيرة. وصنع لأبوه صحن من خشب ليأكل فيه، حتى إذ وقع من يده على الأرض لا ينكسر.
لم يقدم الأب أي إحتجاج، لكن كان في حلقه غصة صامته... مرّت الأيام، وذات يوم
وبينما الولد الصغير يلعب، وجد قطعة من الخشب، فأخذ يلعب بها محاولا أن يصنع منها
شيئا. فسأله والديه، وماذا تريد أن تصنع منها. فأجابهما، أحاول أن أصنع منها صحنا
أقدمه لكم هدية عندما أكبر. لدى سماعهما ما قاله لهما ابنهما الصغير، أخذ ذلك الشاب
وزوجته يبكيان، واتجها نحو ذلك الأب المسن وبكل رفق أخذاه من طاولته المنفردة
واجلساه معهما على نفس المائدة ليأكلا سوية. يقول الكتاب المقدس: أكرم أباك وأمك
لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب الهك. فنحن بحاجة الى احترام والدينا،
ومعزتهم، وتقديرهم، والإعتناء بهم، ومهابتهم. إن للأهل فضل كبير وعلينا المسؤولية
لسد حاجاتهم. فليعطنا الرب نعمة لكي نعيش وصاياه...
فى أحد
المستشفيات كان هناك مريضان هرمين فى غرفة واحدة . كلاهما معه مرض عضال أحدهما كا
مسموحاً له بالجلوس فى سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر . ولحسن حظه فقد كان سريره
بجانب النافذة الوحيدة فى الغرفة . أما الأخر فكان عليه أن يبقى مستقلياً على ظهره
ناظراً إلى السقف . تحدثا عن أهليهما ، وعن بيتيهما ، وعن حالتهما ، وعن كل شئ
.
وفى كل يوم بعد العصر ، كان الأول يجلس فى سريره حسب أوامر الطبيب ، وينظر فى
النافذة ، ويصف لصاحبه العالم الخارجى . وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها
الأول ، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة فى الخارج ،
ففى الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط . والأولاد صنعوا زوارق من مواد
مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء . وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس
يبحرون بها فى البحيرة . والجميع يتمش حول حافة البحيرة . وهناك أخرون جلسوا فى
ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة . ومنظر السماء كان بديعاً يسر
الناظرين .. وفيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر فى ذهول لهذا الوصف
الدقيق الرائع . ثم يغمض عينيه ويبدأ فى تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج
المستشفى وفى أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً . ورغم أنه لم يسمع عزف الموسيقية
إلا أنه كان يراها بعينى عقله من خلال وصف صاحبه لها . ومرت الأيام والأسابيع وكل
منهما سعيد بصاحبه . وفى أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها ، فوجدت
المريض الذى بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل . ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من
خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهى تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة . فحزن على
صاحبه أشد الحزن . وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب
النافذة . ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبة . ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر
الحديث الشيق الذى كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده . ولكنه قرر أن يحاول الجلوس
ليعوض ما فاته فى هذه الساعة . وتحامل على نفسه وهويتألم ، ورفع رأسه رويداً
مستعيناً بذراعيه ، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة
لينظر العالم الخارجى . وهنا كانت المفجأة !! . لم ير أمامه إلا جداراُ أصم من
جدران المستشفى ، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية . نادى الممرضة وسألها إن كانت
هذه هى النافذة التى كان صاحبه ينظر من خلالها ، فأجابت إنها هى !! فالغرفة ليس
فيها سوى نافذة واحدة . ثم سألته عن سبب تعجبه ، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر
النافذة وما كان يصفه له . كان تعجب الممرضة أكبر ، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان
أعمى ، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ..!!! ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى
لاتصاب باليأس فتتمنى الموت ... ألست تسعد إذا جعلت الآخرين سعداء ؟ إذا جعلت الناس
سعداء فستتضاعف سعادتك ... ولكن إذا وزعت الأسى عليهم فسيزداد
حزنك