الشيطان وأصدقاؤه
في ديسمبر 1970 قدم لي إنسانًا مجلة أمريكية تحمل صورة شخص يقيم عقد الزواج باسم الشيطان، وقد وضع على رأسه قرنين فحزنت نفسي جدًا. بعد سنوات قال لي مؤمن: "سألت زميلي في العمل عن سبب إيمانه بالشيطان، فأجابني بأنه إذ يطلب من اللَّه شيئًا لا يقدمه له، لكن ما أن يطلب من الشيطان حتى يأتي إليه به سريعًا، فلماذا لا يتبعه؟"
وفي مدينة لوس أنجيلوس قُدم برنامج عن عبادة الشيطان، فيه سُئلت سيدة أمريكية صغيرة عما فعلته برضيعها، فقالت أنها قدمته ذبيحة للشيطان، سلخته لتأكله هي وأصدقاؤها! هذا ما قد يبلغ إليه الإنسان المعاصر في أعظم دولة من التقدم حين يسلم الإنسان نفسه للشيطان.
في هذه المناسبة أذكر قصة من الفلكلور الشعبي:
إذ كان رجل في رحلة صحراوية شاهد في الطريق جمجمة كُتب عليها: "احتفظ بي فتعيش في سلام!" أما الرجل فقال: "لست اطلب سلامًا بل مالاً"، وفى سخرية ضرب الجمجمة بقدمه فخرج منها قطعة حلوى صغيرة. أخذها الرجل ووضعها في جيبه وعند انتهاء رحلته ألقى بثيابه طالبًا من ابنته البكر أن تغسلها. إذ وجدت الابنة قطعة الحلوى أكلتها. فجأة وجدت نفسها حاملاً. لم تجد حلا سوى أن تصارح والدها الذي ظن أنها زانية، تضع حجج واهية.
أراد الرجل قتل ابنته لكن سرعان ما ولدت الفتاة طفلاً جميلاً قام على قدميه وتحدث مع الرجل، فأدرك الاثنان انه شيطان! خاف الرجل وابنته منه، وعوض الصلاة للَّه كي ينتهره قدمه الرجل هدية لأخيه مقابل مبلغًا من المال، قائلاً في نفسه: "انه كشيطان يحمل قوة عظيمة يسند أخي في حقوله دون أن يعلم أحد عنه شيء!"
كان الطفل يعمل باجتهاد مع صاحب الحقول، وكانت المحاصيل زائدة. لكن الرجل عرف أنه شيطان فخشي منه لئلا يقتله هو وأسرته، فأراد أن يتخلص منه لكنه كان يطمع في بيعه بثمنٍ كبيرٍ.
إذ كان الرجل والطفل يعملان في حقل مر بهما وزير فحياهما. ودار الحوار التالي بين الوزير والطفل.
- لا تخف أيها الوزير على الذهب الذي في الجراب اليمين واللآلئ التي في الجراب الشمال!
- من أعلمك إني أضع ذهبًا وفضةً؟
- هذا ليس بالأمر المدهش، فإني أخبرك أين أنت ذاهب وماذا تعمل؟
- قل لي.
- إنك في طريقك إلى قصر الملك لكي تزين بوابة القصر بالذهب واللآلئ. لكن أود أن أخبرك انه بقدر ما تبذل جهدًا لتعمل بأمانة يحسدك رجاله ويشوهون عملك أمامه.
- ماذا أفعل لأزين بوابة القصر ويُسر بي الملك؟
- انه لأمر بسيط للغاية، اقتل طائرين وضع كل منهما في إناء ذهبي وضع الإناء في سبعة أوانٍ فضية. احفر عن يمين البوابة ويسارها وادفنهما.
تطلع الوزير إلى صاحبه وقال له: "يا له من طفل حكيم. لم أنظر مثله قط، أتبيعه؟
- كم تدفع لي؟
- مهما طلبت أعطيك، فإنه يسندني في عملي بالقصر.
تمم الوزير مشورة الطفل فوجد نعمة في عيني الملك الذي سلمه كل ما بالقصر تحت تصرفه، وكان الوزير يستشير الطفل في كل شيء.
التقى الوزير بابنته الوحيدة وقال لها:
- لقد اغتنينا جدا بسبب هذا الطفل، وأنا في صراع بين تركه لاغتنى أكثر فأكثر وبين أن يكتشفه الملك فيأخذه مني ويطردني، أتستطيعين أن تقتليه وتقدمين لي لحمه طعامُا، وأيضا تقدمين لي عظامه.
- إنه لأمر بسيط.
- أخفت الابنة سكينُا، وإذ التقت مع الطفل قال لها "لماذا تقتلين طفلا بريئًا يا سيدتي؟ ماذا فعلت بك حتى تخفين السكين لقتلي؟"
اضطربت الفتاة جدًا، وقالت له: "ماذا أفعل لكي أرضي والدي؟"
أجابها: "سأقتل طفلاً وأقدمه لكِ، واطبخيه لوالدك، أما أنا فسأختفي".
- فكرة صائبة. اذهب اقتل طفلاً وقدم لي لحمه وعظامه!
طبخت الابنة الطفل البريء في عنف وقسوة وقدمته لوالدها الذي كان متهللاً أنه اغتنى جدًا وأخيرًا خلص من الشيطان!
في الصباح استدعى الملك وزيره وقال له: "لقد حلمت الليلة ثلاثة أحلام متشابهة في كل حلم أرى أربعين غرابًا يطيرون وينقرونني... استدعِ كل حكماء الدولة وقدم لي تفسير الحلم في خلال ثلاثة أيام وإلا ضربت رؤوسكم جميعًا.
اضطرب الوزير جدًا، وعاد إلى منزله يبكي ويصرخ: "لقد قتلت الطفل! ليته كان حيًا فانه حكيم وقادر أن يفسر لي هذه الأحلام الثلاثة".
فجأة ظهر له الطفل الشيطان وقال: ابنتك لم تقتلني، لكننا ذبحنا طفلاً، وقدمته لك ابنتك لتأكله!"
خاف الوزير جدًا وتوسل إلى الطفل أن يفسر له الأحلام. قال له: "لن أخبرك، لكن احملني إلى الملك وأنا أخبره بتفسير الأحلام".
لم يكن هناك حل آخر أمام الوزير سوى أن يحمل الطفل للملك الذي دهش لتصرف الوزير، لكن الوزير أكد له انه سيخبره بكل شيء.
تقدم الطفل وقال للملك:
"عش أيها الملك إن هذا الحلم المتكرر يخص جدك ووالدك كما يخصك أنت.
جدك كان محبًا للصيد، وكان له نسر محبوب لديه جدًا ومدرب على الصيد. في إحدى المرات إذ كان الملك في رحلة صيد، وكان يعانى من الظمأ لاحظ وجود ينبوعٍ من صخرة وأن نقط مياه قليلة تتساقط منه. حمل كأس ليجمع النقاط. وقبل أن يمتلئ الكأس انقض النسر على الكأس فسقط. تكرر الأمر ثلاث مرات، وفي المرة الأخيرة هوى الكأس في هوة عميقة. أخيرًا غضب الملك جدًا بعد أن حذر النسر، وضرب النسر بسيفه فسقط ميتًا. تسلق الملك على الصخرة ليشرب من النبع. دُهش الملك إذ شاهد حية سامة تبث سمومها في المياه، وأدرك أمانة النسر الذي عرض نفسه للموت لينقذ حياة صاحبه.
لقد حمل جدك جثمان النسر، ووضعه في صندوق ذهبي، وغلفه بسبعة صناديق فضية، ودفنه على الجانب الأيمن من بوابة القصر. احفر بجوار البوابة فستجد بقايا عظامه في الصندوق الذهبي المغلف بسبعة صناديق فضية".
إذ حفر الملك وجد الصندوق كما قال له الطفل، عندئذ سأله عن تفسير الحلم الثاني، فقال له الطفل:
"كان والدك في حفلٍ عظيمٍ مع بعض الملوك، وكان كل منهم يفتخر بما لديه من أمور عجيبة. قال والدك إن لديه طائر عجيب يرافقه باستمرار. سأل والدك الطائر أن يذهب ويحضر أي شيء. طار وجاء بقشةٍ في منقاره وقدمها للملك، فضحك الكل ساخرين. اغتاظ والدك فضرب عنق الطائر، وسقطت القشة على الأرض، فصارت شجرة تفاح عظيمة أكل منها الملوك. حزن الملك على الطائر فحمل جثمانه ووضعه في صندوق ذهبي كما فعل جدك وغلفه بسبعة صناديق فضية، ودفنه على الجانب الأيسر من بوابة القصر...
حفر الملك فوجد الصندوق، فاندهش جدًا كيف عرف هذا الطفل كل هذه الأسرار. عندئذ سأل الطفل عن الحلم الثالث فأجابه:
"أما الحلم الثالث فهو يخصك أنت، فإن الأربعين غرابا هم 39 رجلاً ارتكبوا شرا مع زوجتك الملكة، أما الغراب الأربعون فهو ذاك الذي يعرف هذا السرّ. صدق الملك ما قاله الطفل.
أمر الملك بقتل الرجال فورًا. أحضر له الطفل هؤلاء الرجال وكان من بينهم كل الذين اقتنوه لكي يغتنوا.
طلب الطفل من الملك أن يرحم ذاك الذي يعرف ما فعله الرجال والملكة، لكن الملك أصر أن يقتله. عندئذ قال الطفل: أنا هو الشخص الأربعون!
في ديسمبر 1970 قدم لي إنسانًا مجلة أمريكية تحمل صورة شخص يقيم عقد الزواج باسم الشيطان، وقد وضع على رأسه قرنين فحزنت نفسي جدًا. بعد سنوات قال لي مؤمن: "سألت زميلي في العمل عن سبب إيمانه بالشيطان، فأجابني بأنه إذ يطلب من اللَّه شيئًا لا يقدمه له، لكن ما أن يطلب من الشيطان حتى يأتي إليه به سريعًا، فلماذا لا يتبعه؟"
وفي مدينة لوس أنجيلوس قُدم برنامج عن عبادة الشيطان، فيه سُئلت سيدة أمريكية صغيرة عما فعلته برضيعها، فقالت أنها قدمته ذبيحة للشيطان، سلخته لتأكله هي وأصدقاؤها! هذا ما قد يبلغ إليه الإنسان المعاصر في أعظم دولة من التقدم حين يسلم الإنسان نفسه للشيطان.
في هذه المناسبة أذكر قصة من الفلكلور الشعبي:
إذ كان رجل في رحلة صحراوية شاهد في الطريق جمجمة كُتب عليها: "احتفظ بي فتعيش في سلام!" أما الرجل فقال: "لست اطلب سلامًا بل مالاً"، وفى سخرية ضرب الجمجمة بقدمه فخرج منها قطعة حلوى صغيرة. أخذها الرجل ووضعها في جيبه وعند انتهاء رحلته ألقى بثيابه طالبًا من ابنته البكر أن تغسلها. إذ وجدت الابنة قطعة الحلوى أكلتها. فجأة وجدت نفسها حاملاً. لم تجد حلا سوى أن تصارح والدها الذي ظن أنها زانية، تضع حجج واهية.
أراد الرجل قتل ابنته لكن سرعان ما ولدت الفتاة طفلاً جميلاً قام على قدميه وتحدث مع الرجل، فأدرك الاثنان انه شيطان! خاف الرجل وابنته منه، وعوض الصلاة للَّه كي ينتهره قدمه الرجل هدية لأخيه مقابل مبلغًا من المال، قائلاً في نفسه: "انه كشيطان يحمل قوة عظيمة يسند أخي في حقوله دون أن يعلم أحد عنه شيء!"
كان الطفل يعمل باجتهاد مع صاحب الحقول، وكانت المحاصيل زائدة. لكن الرجل عرف أنه شيطان فخشي منه لئلا يقتله هو وأسرته، فأراد أن يتخلص منه لكنه كان يطمع في بيعه بثمنٍ كبيرٍ.
إذ كان الرجل والطفل يعملان في حقل مر بهما وزير فحياهما. ودار الحوار التالي بين الوزير والطفل.
- لا تخف أيها الوزير على الذهب الذي في الجراب اليمين واللآلئ التي في الجراب الشمال!
- من أعلمك إني أضع ذهبًا وفضةً؟
- هذا ليس بالأمر المدهش، فإني أخبرك أين أنت ذاهب وماذا تعمل؟
- قل لي.
- إنك في طريقك إلى قصر الملك لكي تزين بوابة القصر بالذهب واللآلئ. لكن أود أن أخبرك انه بقدر ما تبذل جهدًا لتعمل بأمانة يحسدك رجاله ويشوهون عملك أمامه.
- ماذا أفعل لأزين بوابة القصر ويُسر بي الملك؟
- انه لأمر بسيط للغاية، اقتل طائرين وضع كل منهما في إناء ذهبي وضع الإناء في سبعة أوانٍ فضية. احفر عن يمين البوابة ويسارها وادفنهما.
تطلع الوزير إلى صاحبه وقال له: "يا له من طفل حكيم. لم أنظر مثله قط، أتبيعه؟
- كم تدفع لي؟
- مهما طلبت أعطيك، فإنه يسندني في عملي بالقصر.
تمم الوزير مشورة الطفل فوجد نعمة في عيني الملك الذي سلمه كل ما بالقصر تحت تصرفه، وكان الوزير يستشير الطفل في كل شيء.
التقى الوزير بابنته الوحيدة وقال لها:
- لقد اغتنينا جدا بسبب هذا الطفل، وأنا في صراع بين تركه لاغتنى أكثر فأكثر وبين أن يكتشفه الملك فيأخذه مني ويطردني، أتستطيعين أن تقتليه وتقدمين لي لحمه طعامُا، وأيضا تقدمين لي عظامه.
- إنه لأمر بسيط.
- أخفت الابنة سكينُا، وإذ التقت مع الطفل قال لها "لماذا تقتلين طفلا بريئًا يا سيدتي؟ ماذا فعلت بك حتى تخفين السكين لقتلي؟"
اضطربت الفتاة جدًا، وقالت له: "ماذا أفعل لكي أرضي والدي؟"
أجابها: "سأقتل طفلاً وأقدمه لكِ، واطبخيه لوالدك، أما أنا فسأختفي".
- فكرة صائبة. اذهب اقتل طفلاً وقدم لي لحمه وعظامه!
طبخت الابنة الطفل البريء في عنف وقسوة وقدمته لوالدها الذي كان متهللاً أنه اغتنى جدًا وأخيرًا خلص من الشيطان!
في الصباح استدعى الملك وزيره وقال له: "لقد حلمت الليلة ثلاثة أحلام متشابهة في كل حلم أرى أربعين غرابًا يطيرون وينقرونني... استدعِ كل حكماء الدولة وقدم لي تفسير الحلم في خلال ثلاثة أيام وإلا ضربت رؤوسكم جميعًا.
اضطرب الوزير جدًا، وعاد إلى منزله يبكي ويصرخ: "لقد قتلت الطفل! ليته كان حيًا فانه حكيم وقادر أن يفسر لي هذه الأحلام الثلاثة".
فجأة ظهر له الطفل الشيطان وقال: ابنتك لم تقتلني، لكننا ذبحنا طفلاً، وقدمته لك ابنتك لتأكله!"
خاف الوزير جدًا وتوسل إلى الطفل أن يفسر له الأحلام. قال له: "لن أخبرك، لكن احملني إلى الملك وأنا أخبره بتفسير الأحلام".
لم يكن هناك حل آخر أمام الوزير سوى أن يحمل الطفل للملك الذي دهش لتصرف الوزير، لكن الوزير أكد له انه سيخبره بكل شيء.
تقدم الطفل وقال للملك:
"عش أيها الملك إن هذا الحلم المتكرر يخص جدك ووالدك كما يخصك أنت.
جدك كان محبًا للصيد، وكان له نسر محبوب لديه جدًا ومدرب على الصيد. في إحدى المرات إذ كان الملك في رحلة صيد، وكان يعانى من الظمأ لاحظ وجود ينبوعٍ من صخرة وأن نقط مياه قليلة تتساقط منه. حمل كأس ليجمع النقاط. وقبل أن يمتلئ الكأس انقض النسر على الكأس فسقط. تكرر الأمر ثلاث مرات، وفي المرة الأخيرة هوى الكأس في هوة عميقة. أخيرًا غضب الملك جدًا بعد أن حذر النسر، وضرب النسر بسيفه فسقط ميتًا. تسلق الملك على الصخرة ليشرب من النبع. دُهش الملك إذ شاهد حية سامة تبث سمومها في المياه، وأدرك أمانة النسر الذي عرض نفسه للموت لينقذ حياة صاحبه.
لقد حمل جدك جثمان النسر، ووضعه في صندوق ذهبي، وغلفه بسبعة صناديق فضية، ودفنه على الجانب الأيمن من بوابة القصر. احفر بجوار البوابة فستجد بقايا عظامه في الصندوق الذهبي المغلف بسبعة صناديق فضية".
إذ حفر الملك وجد الصندوق كما قال له الطفل، عندئذ سأله عن تفسير الحلم الثاني، فقال له الطفل:
"كان والدك في حفلٍ عظيمٍ مع بعض الملوك، وكان كل منهم يفتخر بما لديه من أمور عجيبة. قال والدك إن لديه طائر عجيب يرافقه باستمرار. سأل والدك الطائر أن يذهب ويحضر أي شيء. طار وجاء بقشةٍ في منقاره وقدمها للملك، فضحك الكل ساخرين. اغتاظ والدك فضرب عنق الطائر، وسقطت القشة على الأرض، فصارت شجرة تفاح عظيمة أكل منها الملوك. حزن الملك على الطائر فحمل جثمانه ووضعه في صندوق ذهبي كما فعل جدك وغلفه بسبعة صناديق فضية، ودفنه على الجانب الأيسر من بوابة القصر...
حفر الملك فوجد الصندوق، فاندهش جدًا كيف عرف هذا الطفل كل هذه الأسرار. عندئذ سأل الطفل عن الحلم الثالث فأجابه:
"أما الحلم الثالث فهو يخصك أنت، فإن الأربعين غرابا هم 39 رجلاً ارتكبوا شرا مع زوجتك الملكة، أما الغراب الأربعون فهو ذاك الذي يعرف هذا السرّ. صدق الملك ما قاله الطفل.
أمر الملك بقتل الرجال فورًا. أحضر له الطفل هؤلاء الرجال وكان من بينهم كل الذين اقتنوه لكي يغتنوا.
طلب الطفل من الملك أن يرحم ذاك الذي يعرف ما فعله الرجال والملكة، لكن الملك أصر أن يقتله. عندئذ قال الطفل: أنا هو الشخص الأربعون!