أُخبر أحد الآباء الأساقفة أن خلافًا قد دبَّ بين شيخين. لم يُصدق الأب الأسقف ذلك، فقد عُرف أن هذين الشيخين يعيشان في سلام حقيقي، وتربطهما المحبة القوية منذ زواجهما.
تساءل لعل من أبلَغَه بالخبر أخطأ في الأسماء، لكنه تأكد أن خلافًا حقيقيًا قد دبَّ بين الزوجين الشيخين.
ذهب الأب الأسقف إلى منزلهما، فوجدهما على غير العادة متخاصمين، وإذ سأل عن سبب الخصام، قال الزوج الشيخ: "إني حزين يا أبي الأسقف، فإن زوجتي لا تريد أن تطيع". تعجب الأسقف من هذا وقال: "أنا أعرف عنها أنها متواضعة ووديعة، وأنت نفسك تشهد بذلك، فكيف تتهمها بعدم الطاعة".
قال الزوج: "أقول الصدق ولا أكذب، فإنها لا تريد أن تطيع، لقد أرسل اللَّه لنا بركة، مبلغًا من المال، وقد طلبت منها أن تشتري لها فستانًا، لكنها مصممة أن تشتري به معطفًا لي... أنا لست محتاجًا إلى معطفٍ".
تدخلت الزوجة العجوز وقالت: "أُحكم بيننا يا أبي الأسقف، فإن زوجي لا يريد أن يسمع لي، فأنا لست محتاجة إلى فستانٍ، إنما أودّ أن يشتري له معطفًا".
كان الأسقف يتطلع إلى الزوجين في دهشة، فإن الخلاف بينهما دافعه ليس الأنانية أو الطمع أو المطالب الخاصة، بل الحب. كل منهما يقدم الآخر عنه، فتهللت نفس الأسقف جدًا.
قيل إن القديس باخوميوس إذ رأى محبة شعب إسنا للجنود الغرباء وسخاءهم دخل المدينة وشاهد خلافات من هذا النوع. رأى الكل يتسابق على العطاء والبذل.
لقد حان وقت الصراع.
لن أدخل إلى ميدان السباق بدونك.
أحملك في قلبي، فأجري، لأبذل وأعطي.
تتهلل نفسي عندما أُبذل لأجل اخوتي. لأموت معك، وليحيا الكل!
لأحمل الصليب معك، وليسترح الكل!
لأنطلق معك إلى آخر الصفوف،
وأبسط يدي معك لأحتضن الكل بالحب.